قد يبدو الأمر بسيطاً وسطحياً، فالكل يعلم أن على المشروع العمل بسرعة، إال أنني أردت التعمق أكثر بذلك المعنى وطرحت السؤال التالي: لماذا ُتعد السرعة بتلك األهمية أساًسا؟ ولإلجابة عن هذا السؤال علينا أواًل أن نفهم ما
يعنيه الناس حًقا بقولهم كلمة “سرعة Speed “فأنواع السرعة ليست كلها متشابهة. سنذكر في ما يلي 4 أنواع من السرعة ُتعد كل منها بحد ذاتها ضروريًة لعمل المشروع. سرعة إدراك األمور تكمن فكرة المرونة والرشاقة Agile and Lean بأنه من غير الممكن أن تعرف كل
شيء نظرًيا من الورق فقط، بل يجب عليك االحتكاك مع السوق لفهم ما يجري ا. وبصراحة، لم يسبق لي أن آمنت بهذه الفكرة إلى هذا الحد من قبل، فقد ًيفعل صادفت ذلك مرات عديدة. هناك الكثير من األشياء التي تكتشفها عند وضع األفكار النظرية قيد التطبيق والتنفيذ، فهنا مربط الفرس. فقد تكون افتراضاتك خاطئة، أو على األقل ليست دقيقة .100% قد تظهر عقبات جديدة لم تتوقعها عليك مواجهتها، والتعامل مع تقلبات السوق والمنافسة من نواٍح لم تفكر بها. كل ذلك موجود في السوق والعمل مع عمالئك الحاليين أو المستقبليين، فلم يسبق لك التفكير ببعض األفكار الطارئة من الخارج أو التي تجول بذهن باقي األشخاص وفهمها من قبل. ولتعمل بسرعة كبيرة، عليك توقع تلك األفكار بأسرع وقت ممكن، وليس بعد أن ُتعرض عليك. وللقيام بذلك، تأكد من فهم االفتراضات والعودة إليها بانتظام )شهرًيا على األقل لالفتراضات التخطيطية( لمعرفة ما إذا كانت ال تزال قائمة. الحظ أنها في كثير من األحيان ال تكون علىا أيًضا، فالدقة مهمة هنا، خاصًة عندما تكون في ًيخطأ، ولكنهم ليسوا دقيقين كل نواٍح أساسية، مثل عرض قيمة المنتج وكيفية فهم العمالء وتعاملهم مع المشكالت الواجب حلها.

سرعة اتخاذ القرار
عند تعرضك لمستجد من السوق، عليك أن تقرر ما ستفعل حياله، وهذا يستغرق وقًتا أيًضا. تتخذ بعض الشركات القرارات أسرع من غيرها، فضمن عالم مليء باألمور الغامضة )وهذه تقريًبا طبيعة كل قرار تحتاج إلى اتخاذه بخصوص المنتج( يمكن أن يستغرق التخلص من الغموض وقًتا طوياًل، وعادًة ال يختفي هذا الغموض ا، وإنما يمكن تقليله فقط. يجب عليك الموازنة بين اتخاذ القرار الصحيح،
ًيكل
ودعمه بالبيانات، والعمل بسرعة كافية، بحيث ال تدفعك السرعة بالعمل التخاذ قرارات خاطئة. المفتاح التخاذ قرارات أسرع هو أن تتذكر أن عدم اتخاذ القرار له تكلفته أيًضا. غالًبا ما يبدو أن التأخر في اتخاذ القرار ليس له تبعات، إال أنه نادًرا ما يكون كذلك. الحظ بأن هذا ال يعني اتخاذ القرار دون انتظار أي شيء وأي شخص، ففي كثير من الحاالت هناك حاجة فعلية للبحث المركز والتحليل العميق. الفكرة هنا هي أن تفهم أنك تدير المخاطر باستمرار، وأن المخاطرة تكمن في جانبي المعادلة: هناك مخاطرة في اتخاذ القرار بسرعة كبيرة، وهناك مخاطرة في اتخاذ القرار ببطء شديد. عندما ترى األمر على هذا النحو، سيكون من األسهل بكثير العثور على ما هو مهم فعاًل بعيًدا عن المعلومات الهامشية التي ال تستحق أن تتأخر من أجلها في اتخاذ القرار، والتي سُتكتَسب من خالل البحث اإلضافي.
ُيعد هذا اإلجراء سيًئا عموًما، تقرر بعض الشركات أن ُيتخذ القرار باإلجماع فقط. ولكن ال يوجد الكثير مما يمكنك فعله حيال ذلك كفرد. ستكون بدايًة جيدًة لو نجز هذا على نحو صحيح،
ُاعتمد تداول القرارات على لغة إدارة المخاطر، فإذا فستتمكن من إشراك الجميع في القرار، ولكن عليك إقناع الناس أنه ليس من الصواب تأخير اتخاذ القرار حتى لو لم يقتنعوا بالقرار بحد ذاته؛ إذ عادًة ما يكون هناك من ال يوافق على تفصيل معين من ذلك القرار، وفي حال تمكنت من إنشاء اآلليات المناسبة للتعامل مع المخاطر في حال كان القرار خاطًئا، فسيكون من السهل جًدا على األشخاص الموافقة على المضي قدًما في القرار.

السرعة بتأمين المنتج
هذا غالًبا التفسير األكثر شيوًعا للسرعة ألنه ببساطة األسهل من حيث الرؤية والقياس، فهو النمط األكثر واقعيًة للسرعة وعادًة أثقل جزء من العملية، لذا فالتركيز على تحسينه سيؤدي إلى نتائج رائعة. عندما تفكر بمعنى سرعة تأمين المنتج، أحثك لتخطي مفهوم السرعة السطحي الذي يعمل وفقه قسم البحث والتطوير لتأمين برمجيات عالية النوعية. فبالرغم من أنها تعمل جيًدا، إال أنني أريد أخذك إلى مستوى أعلى: كم السرعة التي يمكنك تأمين المنتج خاللها؟ طبًعا حتى تفعل ذلك عليك أن تبرع بأنواع السرعة األخرى التي سبق ذكرها. عليك تأمين منتجك بسرعة في السوق، بحيث تتلقى اآلراء حوله بسرعة ومن ثمة اتخاذ القرارات بسرعة وتأمين النسخة التالية من المنتج تباًعا بأسرع وقت ممكن لتقييمها مجدًدا وإعادة ضبطها. يمكنك تحسين كل نوع من أنواع السرعة تلك بصورة منفصلة، ولكن إذا ركزت على سرعة تأمين المنتج المناسب، فهناك أشياء أخرى يمكنك فعلها أيًضا: فالمفاضالت بين نطاق العمل والسرعة يمكن أن تنجز بصورة مختلفة إذا فهمت أن هدفك اآلن هو التعلم، وليس البيع، على سبيل المثال، كلما فهمت ما هو الهدف من كل ما تفعله، زادت الطرق التي يجب أن تتأكد من خاللها بأن هدفك سليم بينما يجري التعامل مع القيود األخرى أيًضا. هذا أحد المواضيع التي سيخضع لها المشاركون في برنامج تدريب رؤساء أقسام المشتريات القادم، ألنه أساسي لقيادة منتج رائعة وناجحة.

سرعة التأثير
هذا هو النوع األكثر تعقيًدا للسرعة، لكنه ربما األكثر أهمية. تركز جميع أنواع السرعة المذكورة أعاله على مدى السرعة التي تعمل بها وعلى الجهد الذي تبذله، بينما يركز هذا النوع على تأثيرك، أو مدى السرعة التي يمكنك بها تحقيق النتائج. وأعني بالنتائج هنا األعمال أواًل وقبل كل شيء، على الرغم من أن وجهة النظر هذه يمكن تطبيقها على أنواع أخرى من النتائج أيًضا. يمكن رؤية سرعة التأثير في طول دورة المبيعات )وهي متوسط عدد األيام التي تحتاجها الشركة لجمع اإليرادات بعد إجراء عملية البيع(، ومدى ضخامة مسار التحويل الخاص بك وصحته، ومدى سرعة نمو األعمال بنهاية المطاف. إذا فكرت في كيفية تقييم سوق األوراق المالية للشركات، فدائًما ما يرجع ذلك إلى النمو المستدام. األمر نفسه ينطبق على دورات التمويل، فالمستثمرون الرأسماليون ينظرون إلى عائداتك، وكذلك الوقت الذي استغرقته للحصول عليها. وبقدر أهمية نمو اإليرادات، الحظ أنه من الخطير جًدا البدء في التركيز على سرعة التأثير في وقت قريب جًدا. إذا كنت ال تزال في مرحلة االكتشاف لمعرفة المنتج المناسب الذي يريده عمالؤك فعاًل وعلى استعداد لدفع ثمنه )قبل أن يكون لديك منتج مناسب للسوق(، فيجب أن تمّكن نفسك من أنواع السرعة للتماشي مع السوق بسرعة وتعلم كل ما أمكن تعلمه. وفيما يتعلق بالتأثير في هذه المرحلة، يجب أن تعمل عن كثب مع عمالئك وتتأكد من تحقيق التأثير األولي )عدد من العمالء الراضين، وإيجاد حلول مناسبة للمشكالت(. وبمجرد أن تحصل على عمالء سعداء يدفعون ثمن المنتج، وإثبات أنه يمكنك فعل ذلك باستمرار وبصورة متكررة، فقد حان الوقت لزيادة سرعة التأثير. وهنا تجدر اإلشارة إلى أن القيام بذلك مبكًرا سيضر في الواقع قدرتك على إحداث تأثير أكبر ألنك ستعمل في العديد من االتجاهات في وقت واحد